الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير الثعلبي
وقيل لبعض الأعراب: ما الدليل على أنَّ للعالم صانعاً؟فقال: إنَّ البعرة تدلُ على البعير، وآثار القدم تدلُ على المسير، وهيكل علَّوي بهذه اللطافة ومركز سفلي بهذه الكثافة؛ أما يدلاَّن على الصانع الخبير.قال ابن عباس: «خلق اللَّه الارواح قبل الأجساد بأربعة آلاف سنة وخلق الأرزاق قبل الأرواح بأربعة آلاف سنة، وشهد بنفسه لنفسهِ قبل أن يخلق الخلق حين كان ولم تكن سماء ولا أرض ولا برَّ ولا بحر، فقال: شهد اللَّه أنَّهُ لآ اله إلا هو».وقرأ ابن مسعود: {أنَّ لا آله إلا هو...}وقرأ ابن عباس: {شَهِدَ الله أَنَّهُ لاَ إله إِلاَّ هُوَ}: بكسر الألف جعلهُ خبراً مستأنفاً معترضاً في الكلام على توهم الفاء، كأنهُ قال: فإنَّه لآ اله إلاَّ هو، قاله أبو عبيدة والمفضَّل، وقال بعضهم: كسره؛ لأن الشهادة قول وما بعد القول يكون مكسوراً على الحكاية فتقديرهُ قال اللَّه: أنَّهُ لآ اله إلاَّ هو.{والملائكة}: قال المفضّل: معنى شهادة اللَّه للإخبار والإعلام، ومعنى شهادة ملائكة اللَّه والمؤمنين الإقرار كقوله: {قَالُواْ شَهِدْنَا على أَنْفُسِنَا} [الأنعام: 130] أي أقررنا فنسق شهادة الملائكة، {وَأُوْلُواْ العلم} على شهادة اللَّه تعالى.والشهادتان مختلفتان معنى لا لفظاً كقوله عزَّ وجل: {إِنَّ الله وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النبي ياأيها الذين آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 56] والصلاة من اللَّه (الرحمة) ومن الملائكة (الاستغفار والدعاء)، وأولوا العلم: يعني الانبياء عليهم السلام.وقال ابن كيسان: يعني المهاجرين والأنصَّار.مقاتل: مؤمني أهل الكتاب، عبد اللَّه بن سلام: وأصحابه: نظيره قوله: {إِنَّ الذين أُوتُواْ العلم} [الإسراء: 107]، وقوله: {وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الكتاب} [الرعد: 43].وقال السدي والكلبي: يعني علماء المؤمنين كلهم. فقرّب اللَّه تعالى شهادة العلماء بشهادته؛ لأن العلم صفة اللَّه العليا ونعمته العظمى. والعلماء أعلام الإسلام والسابقون إلى دار السلام وسرج الامكنة وحجج الأزمنة.وروى صفوان عن سُليم عن جابر بن عبد اللَّه، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «ساعة من عالم متّكئ على فراشهِ ينظر في علمهِ خير من عبادة العابد سعبين عاماً».المسيب بن شريك عن حميد الطويل عن أنس بن مالك، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «تعلَّموا العلم؛ فإنَّ تعلَّمهُ للَّهِ حسنة، ومدارسته تسبيح، والبحث عنهُ جهاد؛ وتعليمهُ من لا يعلمهُ صدقة، وتذكره لأهله قربة؛ لأنه معالم الحلال والحرام، ومنار سبل الجنة والنار، والأنيس في الوحشة والصاحب في الغربة، والميراث في الخلوة، والدليل على السرَّاء والضرَّاء، والسلاح على الأعداء، والقرب عند الغرباء، يرفع اللَّه به أقواماً ويجعلهم في الخير قادةً يُقتدى بهم، ويُبيّن اثارهم، ويرموا أعمالهم، ويُنهى إلى رأيهم، وترغب الملائكة في خلتهم، وبأجنحتها تمسحهم، وفي صلواتهم تستغفر لهم، وكل رطب ويابس يستغفر لهم حتى حيتان البحر وسباع الأرض وأنعامها والسماء ونجومها، ألا فإن العلم خير أنقاب عن الصمى، ونور الأبصار من الظلم، وقوة الأبدان من الضعف، يبلغ بالعبد منازل الأحرار، ومجالس الملوك، والفكرُ فيه يُعدل بالصيام ومدارسته بالقيام، به يُعرف الحلال والحرام، وبه توصَّل الأرحام، إمام العمل والعقل تابعهُ، يُلهم السعد أو يُحرم إذا شقى».{قَآئِمَاً بالقسط}: أي بالعدل ونظام الآية {شهد اللَّه قائماً بالقسط}. وهو نصب على الحال.وقال الفرّاء: هو نصب على القطع كأن أصله القائم، وكذلك هو في (عبد اللَّه) فلما قطعت الألف واللام نصب لقوله تعالى: {وَلَهُ الدين وَاصِباً} [النحل: 52].وقال أهل المعاني في قوله: {لاَ إله إِلاَّ هُوَ العزيز الحكيم}: أي مدبّر، رازق، مُجازي بالاعمال كما يقال: فلان قائم بأمري: أي مدبّر له متعهد لأسبابه، وقائم بحق فلان: أي بحاله.{إِلاَّ هُوَ العزيز الحكيم}: كرّر؛ لأنّ الأولى حلت محل الدعوى، والشهادة الثانية حلت في محل الحكم.وقال جعفر الصَّادق: الأُولى وصف وتوحيد والثانية رسمٌ وتعليم يعني قولوا: {لاَ إله إِلاَّ هُوَ العزيز الحكيم}.{إِنَّ الدِّينَ عِندَ الله الإسلام}: يعني بالدين الطاعة والملّة لقوله: {وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً}.وفتح الكسائي ومحمد بن عيسى الاصفهاني ألف {إنَّ} رداً على {أنَّ} الأُولى في قوله: {شَهِدَ الله أَنَّهُ} يعني: شهد اللَّه أنَّه، وشهد أن الدين عند اللَّه الإسلام، وكسر الباقون على الإبتداء. والإسلام من السلم: الإيمان والطاعة يُقال: أسلم أي: دخل في السلم. وذلك كقولهم: استى وأربع وأمحط واخبت: أي دخل فيها.سفيان: قال قتادة: في قولهِ: {إِنَّ الدِّينَ عِندَ الله الإسلام} قال: شهادة أن لا اله إلا اللَّه. والإقرار بأنَّها من عند اللَّه، وهو دين اللَّه الذي شرع لنفسهِ، وبعث به رسله ودلَّ عليه أولياءه ولا يُقبل غيره ولا جزى إلاَّ بهِ.{وَمَا اختلف الذين أُوتُواْ الكتاب} الآية، قال الربيع: إنَّ موسى عليه السلام لما حضرته الوفاة دعا سبعين حبراً من أحبار بني إسرائيل، واستودعهم التوراة، وجعلهم أمناء عليها، واستخلف يوشع بن نون.فلمّا مضى القرن الأول والثاني والثالث وقعت الفرقة بينهم، وهم الذين أوتوا الكتاب من أبْنَاء أولئك السبعين حتى أوقعوا بينهم الدماء، ووقع الشر والإختلاف وذلك {مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ العلم} يعني: بيان ما في التوراة {بَغْياً بَيْنَهُمْ}: أن طلبها للملك والرئاسة والتحاسد والمناقشة؛ فسلط اللَّه عليهم الجبابرة.وقال بعضهم: أراد {وَمَا اختلف الذين أُوتُواْ الكتاب}: في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم إلاَّ من بعد ما جاءهم العلم، يعني: بيان نعته وصفته في كتبهم.وقال محمد بن جعفر عن الزبير: نزلت هذه الآية في نصارى نجران ومعناها: {وَمَا اختلف الذين أُوتُواْ الكتاب} هو الإنجيل في أمر عيسى عليه السلام، وفرَّقوا القول فيه إلاَّ من بعد ما جاءهم العلم، بأن اللَّه واحد، وأنَّ عيسى عبدهُ ورسوله {بَغْياً بَيْنَهُمْ}: أي للمعاداة والمخالفة.{وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ الله فَإِنَّ الله سَرِيعُ الحساب}: لا يحتاج إلى عقد وقبض يد.وقال الكلبي: نزلت في يهوديين تركوا اسم الإسلام وتسمَّوا باليهودية والنصرانية، قال اللَّه تعالى: {وَمَا اختلف الذين أُوتُواْ الكتاب إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ العلم} قال: دين اللَّه هو الإسلام بغياً منهم فلمّا وجدا نظيره قوله: {وَمَا تَفَرَّقَ الذين أُوتُواْ الكتاب إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ البينة} [البينة: 4] فقالت اليهود والنصارى: لسنا على ما سميتنا بهِ يا محمد إنَّ اليهودية والنصرانية سبّ هو الشرك، والدين هو الإسلام ونحن عليه.{فَإنْ حَآجُّوكَ}: خاصموك يا محمد في الدين، {فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ}: أي انقدت لأمر الله {للَّهِ}: وحده بقلبي ولساني وجميع جوارحي، إنَّما خص الوجه لإنَّهُ؛ أكرم جوارح الإنسان، وفيه بهاؤه وتعظيمه، فإذا خضع وجهه لشيء فقد خضع له سائر جوارحه التي هي دون وجهه.وقال الفرّاء: معناه أخلصت عملي للَّه.يُقال: أسْلمت الشيء لفلان وسلمتهُ له، أي دفعته إليه [......] ومن هذا يُقال: أسلمتُ الغلام إلى [....] وفي صناعة كذا. أي أخلصت لها.والوجه: العمل كقوله: {يُرِيدُونَ وَجْهَهُ}: أي قصده وعمله. وقوله: {إِلاَّ ابتغآء وَجْهِ رَبِّهِ الأعلى} [الليل: 20].{وَمَنِ اتبعن}: (من) في محل الرفع عطفاً على التاء في قوله: {أَسْلَمْتُ} أي: ومن اتبعني أسْلم كما أسلمت.وأثبت بعضهم ياء قوله: {اتبعني} على الأصل، وحذفهُ الآخرون على لفظ ينافي المصحف (إذا وقعت فيه بغير ياء). وأنشد: وقال آخر: {وَقُلْ لِّلَّذِينَ أُوتُواْ الكتاب والأميين}: يعني العرب {ءأسْلمتم}: لفظ استفهام ومعناهُ أمر، أي أسلموا كقوله: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ} [المائدة: 91]: أي نهوا، {فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهتدوا}: فقرأ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم هذه الآية، فقال أهل الكتاب: أسلمنا. فقال للنصارى: أتشهدون أنَّ عيسى كلمة من اللَّه وعبدهُ ورسوله، فقالوا: معاذ اللَّه.وقال لليهود: إنّ عزير هو عبدالله ورسوله، قالوا: معاذ الله فذلك قوله: {وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ البلاغ}. بتبليغ الرسالة، {والله بَصِيرٌ بالعباد}: عالم بمن يؤمن بالله ومن لا يؤمن باللهِ وبأهل الثواب وبأهل العقاب.{إِنَّ الذين يَكْفُرُونَ}: يجحدون، {بِآيَاتِ الله}: بحجّة وأعلامه، وقيل: هي القرآن، وقيل: هم اليهود والنصارى {وَيَقْتُلُونَ النبيين بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الذين يَأْمُرُونَ بالقسط مِنَ الناس فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} قرأ الحسن {وَيَقْتُلُونَ} بالتشديد فهما على تكَّثر.وقرأ حمزة: {وتقاتلون الذَّين يأمرون} اعتباراً بقراءة مسعود {وقاتلوا الذين يأمرون به}، ووجه هذه القراءة {وَيَقْتُلُونَ النبيين بِغَيْرِ حَقٍّ} وقد «قاتلوا الذين يأمرون»؛ لأنهُ غير جائز عطف الماضي على المستقبل وفي حرف. أي: {وَيَقْتُلُونَ النبيين بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الذين يَأْمُرُونَ} قال مقاتل: أراد بهِ ملوك بني اسرائيل.وقال معقل بن أبي سكين، وابن جريج: كان الوحي يأتي إلى أنبياء بني إسرائيل، ولم يكن يأتيهم كتاب فيُذكِّرون قومهم فيقتلون. فيقوم رجال فمن اتّبعهم وصدقهم فيذَّكرون قومهم فيُقتلون أيضاً. فهم الذين يأمرون بالقسط من الناس.وعن قبيصة بن دويب الخزاعي عن أبي عبيدة الجرّاح قال: قلتُ لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أيُ الناس أشدُ عذاباً يوم القيامة؟ قال: «رجلٌ قتل نبياً، أو رجلٌ أمر بالمنكر ونهى عن المعروف»، ثم قرأ رسول لله صلى الله عليه وسلم {وَيَقْتُلُونَ النبيين بِغَيْرِ حَقٍّ} إلى قوله: {وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ} ثم قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «يا أبا عبيدة قتلت بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبياً في أول النهار ساعة واحدة، فقام مائة وإثنا عشر رجلاً من عبَّاد بني إسرائيل فأمروا من قبلهم بالمعروف ونهوهم عن المنكر فقُتلوا جميعاً من آخر النهار في ذلك اليوم، فهم الذين ذكرهم اللَّه تعالى في كتابه فأنزل الآية فيهم».وعن عبد اللَّه بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بئس القوم قومٌ يقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس، بئس القوم قوم لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر، وبئس القوم قومٌ يمشي المؤمن فيهم بالتقية والكتمان».{فَبَشِّرْهُم...} أخبرهم بعذاب أليم، وإنما أُدخل الفاء في خبرها؛ لأنهُ قوله: الذين موضع الجزاء وإنّ لا تبطل معنى الجزاء؛ لأنّها بمزلة الابتداء عكس: ليت.وقيل: أُدخل الفاء على الغاء أن وتقديرهُ: الذين يكفرون ويقتلون فبشّرهم بعذاب أليم رجيح.{أولئك الذين حَبِطَتْ}: ذهبت وبطلت.وقرأ أبو واقد والجرّاح: {حبطت} بفتح التاء مستقبلة تحبِط بكسر الباء وأصلهُ من الحبط وهو أن ترعى الماشية بلا دليل ورديع فتنتفخ من ذلك بطونها، وربَّما ماتت منهُ، ثم جعل كل شيء يهلك حبطاً.ومنهُ قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنَّ مما يُنبت الربيع ما يقتل حبطاً إذ يلم».{أَعْمَالُهُمْ فِي الدنيا}: أي نصيباً وحظاً من الكتاب. يعني: اليهود يُدعون إلى كتاب اللَّه.واختلفوا في هذا الكتاب الذي أخبر اللَّه تعالى إنَّهم يُدعون إليه فيعرضون عنه. فقال قوم: هو القرآن.وروى جويبر عن الضحاك عن ابن عباس في هذه الآية قال: إنَّ اللَّه عزَّ وجل جعل القرآن حَكَماً فيما بينهم وبين رسول اللَّه، فحكم القرآن على اليهود والنصارى أنَّهم على غير دين الهدى فأعرضوا عنه.وقال قتادة: هم أعداء اللَّه اليهود. دُعوا إلى حكم القرآن واتباع محمد صلى الله عليه وسلم فأعرضوا، وهم يجدونهُ مكتوباً في كتبهم.السَّديَّ: «دعا النبي صلى الله عليه وسلم اليهود إلى الإسلام، فقال لهُ النعمان بن أبي أوفى: هلَّم يا محمَّد نخاصمك إلى الأحبار، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بل إلى كتاب اللَّه. فقال: بل إلى الأحبار. فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية».وقال الآخرون: هي التوراة.روى سعيد بن جبير وعكرمة عن ابن عباس، قال: دخل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بيت المقدس على جماعة من اليهود، فدعاهم إلى اللَّه عزَّ وجل.فقال له نعيم بن عمر وابن الحارث بن فهد: على أيَّ دين أنت يا محمد؟فقال: على ملّة إبراهيم. قالا: إنَّ إبراهيم كان يهودياً. فقال لهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأسلموا إلى التوراة فهي بيننا وبينكم، فأبيا عليه، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية.وروى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس: إنَّ رجلاً وامرأة من أهل خيبر زنيا، وكانا في شرف منهم، وكان في كتابهم الرجم. فكرهوا رجمهما لحالهما وشرفهما، ورجوا أن يكون عند رسول اللَّه رحمة في أمرهما، فُرفعِوا إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فحكم عليهما بالرجم، فقال له النعمان ابن أبي أوفى ونخري بن عمر: جُرتَ علينا يا محمد. ليس عليهما الرجم، فقال لهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «بيني وبينكم التوراة فإن فيها الرجم». قالوا: قد أنصفتنا. قال فمن أعلمكم؟ فقالوا: رجل أعمى يسكن فدك، يُقال له ابن صوريا، فأرسلوا إليه، فقدم المدينة وكان جبرائيل عليه السلام قد وصفهُ لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال له رسول اللَّه: «لأنت ابن صوريا؟» قال: نعم. قال: «أنت أعلم اليهود؟» قال كذلك يزعمون، قال: فدعا رسول اللَّه بشيء من التوراة فيها الرجم مكتوب. فقال له: «أقرأ». فلما أتى آية الرجم وضع كفهُ عليه وقرأ ما بعدها. فقال ابن سلام: يا رسول اللَّه قد جاوزها ووضع كفهُ عليها، وقام ابن سلام إلى ابن صوريا فرفع كفهُ عنها، ثم قرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم: اليهوديان المحصنان إذا زنيا، وقامت عليهما البينة رجما، وإن كانت المرأة حبلى تربص بها حتى تضع ما في بطنها. فأمر رسول اللَّه باليهوديين فرُجماً، فغُضِب اليهود لذلك غضباً شديداً، وانصرفوا، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية.
|